المصدر : جريدة المدينة
في عرض البلاد وطولها مجالس أصدقاء يجتمعون فيها مساء أحد أيام الأسبوع، ويسمونها باسم ينتسب إليه، فهذه أحدية، وتلك اثنينية، وثالثة خميسية، ورابعة ربوعية، وهم يجعلون من مجالسهم ندواتٍ يتسامرون فيها بألوان من العلم والفكر والأدب وشيء من الشأن العام يتداولونه، وينفضُّ مجلسهم وكلهم يحمل المحبة والمودة للآخر، ولا يحمل لمثل هذه المجالس ضغينة إلا من كانت نفسه تنطوي على ضغينة لكل الخلق لا يعرف صاحبها مبرراً سوى اعتقاده بنقص فيه، ينفيه عن نفسه بهذه الضغينة، ولا يستهدف بها سوى من يدعي صداقتهم، وهكذا هو أخونا أحمد عبدالرحمن العرفج، صاحب الأحبار الملونة والفاقعة، التي تخفي تحتها هذه الضغينة، والذي كتب مقالاً في هذه الجريدة يوم الخميس 17 محرم 1432هـ تحت عنوان: (الشيشة الاستراتيجية)، يستهدف به مجلس أصدقاء يدعي أنه ارتاده خمسة عشر عاماً، وأنه (يمون) على صاحبه، وهي الكلمة العامية الأمية التي يستخدمها العرفج دائماً عندما يتهيأ للانتقام من أحد عبر أوهامه، فهو يقول: إنه يستهدف هذا المجلس بسبب (الميانة) التي يجدها بينه وبين صاحبه، وهي كلمة ساقطة في أسلوب العرفج، لا تحمل معنى سوى أنها بداية إساءة متعمدة إلى من يدعي محبتهم، ثم هو يتحدث عن مجالس الأصدقاء هذه بأنها ردة فعل لغياب الثقافات والبرلمانات والجمعيات الصغيرة، والتي يرى أنها المكان الملائم للناس للبوح باختلاجاتهم، وبث وساوسهم، والتناوش والتهاوش فيما بينهم، وتعبير كهذا لا يصدر إلا عن مثل العرفج، فثقافته السياسية لا تخرج إلا من كنانة سهامه، التي إن انطلقت لم تجرح أحداً، بقدر ما ترتد إليه فترديه، حينما تكشف عن جهله، ثم يتحدث عن مجلس أصدقاء الأستاذ محمد سعيد طيب والذي رواده نخبة متنوعة الرؤى، مختلفة المشارب، بل لعلي أقول: ألا مثقف في جدة أو قادم إليها لم يمر بهذا المجلس، يتذكر له رواده كلمة أو رأي، ولا يبقى في هذا المجلس حتماً إلا الأجود والأذكى، أما أمثال العرفج فلا يشعر بوجودهم أحد إن حضروا، ولا يسأل عنهم أحد إن غابوا، وقد تجرأ العرفج بأوصاف أطلقها على رواد المجلس لا تنطبق في الواقع إلا على مثله، (رجيع الصحافة، رجيع الإعلاميين، الكُتَّاب الذين انتهت صلاحيتهم، كيانات بشرية تتحدث في كل شيء وتبدي رأيها دون أن يُطلب منها)، ولو أمعنت النظر في هذه الأوصاف لوجدت أنه الأحق بالوصف بها هو وأمثاله، فهو طارئ على الكتابة الصحفية، ولم يبلغ الحد الذي يوصف به أنه إعلامي، ومقالاته شاهدة على أنه يتحدث في كل شيء وعن كل شيء، وهو يجهل كل شيء، ثم هو ما شاء الله عليه يأسف على حاله حين يتذكر الوقت الذي انضم فيه إلى هذا المجلس، ولم يدرك بذكائه المفرط أنه لم يشعر أحد به عند انضمامه المزعوم، كما لم يشعر أحد بانقطاعه عن المجلس، لسبب بسيط أن وجوده لا يضيف لهذا المجلس ولا لغيره شيئاً ذا بال، وانقطاعه عنه لا يخسر به رواده شيئاً ذا قيمة تفتقد، غفر الله للعرفج ضخم ذاته لنفسه، حتى أنه لم يعد يدرك قدر نفسه، ولم يعرف إلى الصواب طريقاً، وسقط به في أوحال الأخطاء دوماً، وهو يظن أنه بطريقته الرديئة هذه يصل إلى الشهرة، وهي طريقة تقضي على سمعته تدريجياً، حتى لا يبقى له صديق يعتد بصداقته، وأود مخلصاً أن أنبه العرفج أن من أراد أن يوصل إليه رسالة تحريض على المجلس ورواده حين قال: (ومما يلفت النظر في الثلوثية هو دعم بعض الأعضاء هناك للتيارات والأحزاب المتشددة، مثل حزب الله وإيران وروسيا المنفرطة)، فأقول له: إن هؤلاء يعرفون عن هذا المجلس كل شيء، لأن رواده لا يخفون شيئاً أصلاً، وكعادته لا يعرف معنى للدعم إلا أن يتحدث الناس عن الأحداث برؤى متنوعة، هي موجودة داخل هذا المجلس وخارجه، وهو لا يدرك حتماً ماهية هذا المجلس، فهو يريد من كل من يرتاده أن يلتزم بفكر ورؤى واحدة، هو يلبس جلبابها، وإن حاول أن يخفي ذلك عن الناس، فهو ولاشك يعلم، وحينما ارتاد هذا المجلس كان الجميع فيه يعرفون حقيقة الجلباب الذي يلبسه، لأن لهم عقولا ذكية، وقلوبا بيضاء نقية، لا يحملون لوطنهم سوى الخير، ولا يتحدثون إلا بما فيه النفع العميم له ولمن يحيون على أرضه، وهم صريحون في كل ما يقولون، سواء تفوهوا به داخل مجلسهم أو خارجه، في مقالة يكتبها أحدهم، أو عبر ظهور إعلامي في وسيلة إعلام مسموعة أو مقروءة، أما هو فقد اعتاد التلون، ولكن تلونه يكشفه دوماً ويبين وللأسف للناس حقيقته، التي يجتهد دوماً أن يخفيها عن الناس، وأسفي على العرفج الذي كنت أقول: إنه ابن ضال مشاغب، فإذا بي اكتشف أن هذه البنوة المدعاة زائفة، فهو لا ينتمي إليَّ بشيء أبداً، بل نحن نقيضان والحمد لله، ورغم هذا كله فأنا أتمنى عليه ألا يواصل إحراق وجوده عبر الساحة الثقافية، بهذا الهذر الذي يوالي نثره بغير فطنة، والذي حتماً لا يقصد به الخير أبداً، فذم الناس واعتماد الإساءة إليهم-لأنك لم تبلغ ما بلغوا من مكانة وغايات شريفة-لا يبيح لك الوقوع في أعراضهم، بل يكشف لهم ولكافة الناس سوء ما تستبطن، فهل يفقه أخي العرفج هذا..؟! هو ما أرجو، والله ولي التوفيق.