فوزية العيوني – محمد سعيد طيب ..حياة تدب في الحياة ( إطلالة عاجلة على كتاب السجين 32

المصدر : منبر الحوار و الإبداع

أعتبر هذا الكتاب مجساً وضع على قلب وطن تربع في ضمير رجل نادر جداً .، لهذا الرجل حياة ثرية تدب في الحياة .
ومع أن هذا الكتاب يصنف من الكتب التوثيقية ، والتي عادة ما تبدو مملة ولا تثير سوى شهية النخبة , إلا أن التكنيك الكتابي الكلاسيكي والمطلوب في مثل هذا النوع من الكتب – رغم ما يمكن أن يؤديه من رتابة وتشابه في التناول في معظم فصول الكتاب – قد تجاوز ذلك باستخدام  عاملين هامين ساعدا في التخلص من ذلك و هما :

محمد سعيد طيب  ..حياة تدب في الحياة

إطلالة عاجلة على كتاب السجين 32

فوزية العيوني

أعتبر هذا الكتاب مجساً وضع على قلب وطن تربع في ضمير رجل نادر جداً .، لهذا الرجل حياة ثرية تدب في الحياة .
ومع أن هذا الكتاب يصنف من الكتب التوثيقية ، والتي عادة ما تبدو مملة ولا تثير سوى شهية النخبة , إلا أن التكنيك الكتابي الكلاسيكي والمطلوب في مثل هذا النوع من الكتب – رغم ما يمكن أن يؤديه من رتابة وتشابه في التناول في معظم فصول الكتاب – قد تجاوز ذلك باستخدام  عاملين هامين ساعدا في التخلص من ذلك وهما :
1- حذاقة المؤلف و إدراجه للكثير من المواقف الإنسانية المرهفة واللاذعة في سخريتها ، والتي تجعل القارئ يقف عندها متأملاً ثم يعود لاستكمال البقية .
2- كثافة المادة وحدًة التراجيديا في حياة “طيب” ،ومواقفه المتميزة و الوثابة ، والتنامي البنائي لحركة المنجز وحركة السياسي المتذبذبة بين مد وجزر ، هذا القلق الدافع لشموخ أعناق القراء تارة وتقزمها  تارات أخرى إثر حالات التفاعل الإنساني تجاه الجمال والقبح في تضادات  الحياة ؛ جعلت من الكتاب مشاهد سينمائية حية وجعلت من كل قارئ يحزن أن لم يكن أحد أبطالها .

رأيت في الكتاب أنه كتاب الواقع ، حاضراً وماضياً ومستقبلاً ،تحتار كيف تقرأه وكيف تقيمه ثم كيف تثني عليه .
– هل تثني على الكتاب كمنجز سياسي واجتماعي وثقافي هام تفتقر إليه مكتباتنا المحلية تحديداً !
– أم تثني على مؤلفه الكاتب ” أحمد عدنان ” الذي يستحق بعد هذا الكتاب أن يفرح الوطن بولادة باحث جديد جاد وجلد ومثابر , أقول هذا لما لمسته – حسب معايير البحث العلمي السليم – المعتمد على الرصد والتقصي ، و الاستزادة من مصادر عدة ، منها ما هو مدون ومطبوع سابقاً ، ومنها شهادات لأفراد تعددت وجهات نظرهم حول حدث واحد وكانت خاصة لهذا المؤلف ، وامتلاكه سمة الحيادية التي دفعتا لأن نلهث خلف السطور لنقرأ ما بينها لتقفز أسئلتنا واستنتاجاتنا التي لم يجبرنا ولم يفرضها علينا الباحث .
هذا الكتاب نجح في سبر وسرد حياة الأستاذ المستشار محمد سعيد طيب الممتدة على مدى أكثر من خمسين عاماً ،جعلها الباحث فرشة لقراءة التاريخ السعودي بأفقه السياسي والاجتماعي راصداَ لتحولاته وجموده وانتكاساته، وقد نجح – في رأيي – حين اختار منحى الكتاب بوضع الإطار الإنساني والثقافي والاجتماعي لصورة السياسة وليس العكس.
في مايو 2009 أجرى (عدنان ) حواراً مع ( طيب ) في برنامجه ” عيشوا معنا ” الذي يقدمه على قتاةLBC
وقد لقت الحلقة صدىً واسعاً بين الأوساط الثقافية المحلية والعربية ، مما دعا الشاعر والصحفي اللبناني الأستاذ محمد فرحات إلى اقتراح تفريغها لتصبح كتيباً صغيراً يروي مسيرة الإصلاح في السعودية .
و في يوليو 2009 وفي أحد مقاهي منطقة الروشة البيروتية  ، التقى ( عدنان ) بـ (طيب ) فقال له :
” الكثيرون يطالبونك بكتابة مذكراتك وأنت تسّوف أو تتذرع بضيق الوقت ، ما رأيك أن تروي لي تجربتك السياسية ، وتسمح لي بنشرها في الوقت المناسب “
وعلى الفور ، طلب (عدنان ) من المقهى أوراقاً بيضاء وشرع بتدوين تباشير كتابه .
وكان دافع (عدنان )هذا الشاب المثقف لتدوين هذه السيرة وهذا التاريخ أن التاريخ السياسي السعودي بحاجة للتدوين لأسباب عدة منها :
1- أن جيل الشباب في السعودية لم تتح له فرصه المشاركة في العمل السياسي ، باستثناء مشاركه خجولة إلى أبعد الحدود خلال عامي 2003-2004 .
وفي مجال العمل السياسي ،فإن شح الوظائف الحكومية ،وتركيبة النظام السعودي، والظروف التاريخية التي مرّ بها في مراحل متعددة ، لم تمكنه من تجديد الدماء في الوظيفية السياسية في الجهاز الحكومي بالدرجة المطلوبة كما تمتع جيل أبي الشيماء ورفاقه حتى عام 1969
2- أن التاريخ السياسي السعودي في شقه الشعبي ، لم يكتب عنه بالشكل الكافي أو المطلوب ،مما يعرض هذا التاريخ – الحركة السياسية في الداخل – إلى الانقطاع، فيتراءى للأجيال الشابة أن الحركة المطلبية , التي نشأت أو عادت إلى الحياة بعد أحداث سبتمبر 2001 ، أنها طفرة شاذة في سياق ميت ، وأن الشعب السعودي يختلف في تكوينه وتطلعاته عن الشعوب الطامحة إلى مستقبل ناهض وفعّال .
3- أن الصحافة لسعودية – حتى اليوم – لم تصل فيها – رغم الهامش العريض الذي قطعته – الى درجه تناول التاريخ المكتوم في صدور الرجال .
كل هذه الدوافع السابقة ، أوقعت المؤلف في حيرة مربكه ، بين أن يكتب عن التاريخ السياسي الشعبي أو غير الرسمي للسعودية ،ويدغم من خلاله تجربة طيب،أم ينجز كتاباً مستقلاً عن طيب ، كمقدمة لكتاب آخر عن التاريخ المكتوم في صدور الناس و أزقه الأوراق الرسمية .
وأخيراً ،انحاز المؤلف للحل الثاني، لاسيما وقد رأى في سيرة ” طيب ” الذاتية ،انها قدمت رجلاً ناجحاً في مجال النشر والإعلان، وناشطاً في أفق العمل العربي أو الفضاء المدني ، لكنها – وكعادة السير الذاتية – لا تروي تجربة سياسية عريضة .
قدرتُ للكاتب حريته في طرح مضمون كتابه ،وتلمست جهده الكبير لإخراج هذا العمل وأنا ألهث أتابع الهوامش والذيول بعد أن أنهي صراعي مع المتن في كل صفحه تقريباً , ووجدت أن هذه الطريقة رغم كلاسيكيتها الا انها كانت محطات استراحة ثريه معرفياً ونفسياً .
بعد أن أنهيت الكتاب زممت شفتي تعبيراً عن تجميع حالات الانفعال التي صاحبت القراءة , وقلت : قدر ” طيب ” أن يخضع للتحقيق طيلة حياته .. حتى عندما كتب عنه, ولكنها هذه المرة أجمل التحقيقات التي جرت مع ( طيب ) وأنبلها ومن أجلنا نحن محبيه
لقد ترصد (عدنان )حياة طيب منذ عمر السابعة عندما تيتم بفقد أبيه “العم عبد الله طيب ” صاحب الشخصية المهيبة
وعاش طيب أجواء المجتمع المكي  المشهود له بتعددية ثقافات مواطنيه
حيث انعدمت الفوارق الطبقية، وتساوت الحالة الاجتماعية والاقتصادية عند جميع الناس إبان الحرب العالمية الثانية وما تلاها من سنين عجاف  في هذا التوحد الطبقي والتشابه في الظرف المعيشي ؛ ربى وترعرع ” طيب ” ،وكان هذا المناخ كفيلاً باستنبات أخلاقيات وقيم و ثقافه اجتماعية تعتمد التكافل والتسامح والتعايش السلمي بين جميع أطياف المجتمع.
ضمن المناخات المتألقة نظافةً والباذخة في تأثيرها النفسي والثقافي ؛ كان مناخ الحرم المكي الشريف ،الذي لم يكن مكان عبادة فقط ، بل كان ايضاً موقعاً جميلاً للتواصل ،واللقاءات الاجتماعية ،وعقود الزواج ،والنقاشات الثقافية والدينية للرجال والنساء على السواء ،مع أنه كحيز لم يكن ضخماً بل كان ينحصر في الرواق العثماني .
ويضيف المؤلف أحمد عدنان في هوامشه معتمداً على بعض المراجع (كان الحرم المكي يشهد حلقات تدريس للمذاهب الأربعة ، وعلوم المنطق ،والرياضيات والفلك ،وكان هناك شيوخ من دبي والبحرين ،وكان فيه (أجياد رباط البهرة) – فرع من الطائفة الإسماعيلية
هذه الأجواء ،هي أيضاً بيئة مناسبة للمؤسسات الأهلية – التي حرمنا منها بعد ذلك وحتى اليوم – ، ورغم أن الوضع الاقتصادي مازال رديئاً ؛ حيث لم تضع الحرب العالمية الثانية أوزارها بعد، إلا أن الأديبين الرائدين (صالح وأحمد جمال ) أسسا في عام 1944 مكتبة ” الثقافة ” ، والتي يعتبرها ” طيب ” واحدة من روافده الثقافية ،حيث قرأ عبرها وهو في الابتدائية مجلة ” سندباد ” .
وقد توفرت ل(طيب ) ومجايليه روافد ثقافية جيدة يوجزها كما يلي:
– أدباء الحجاز
– صحيفة البلاد السعودية
– المطبوعات المصرية خصوصاً مجلة ” آخر ساعة ” و ” المصور ” وكتاب ” الهلال “
– نتاج المفكرين المصريين أمثال ” طـــه حسين , وإبراهيم عبد القادر , لطفي المنفلوطي , المازني , عباس محمود العقاد , توفيق الحكيم , مصطفى لطفي المنفلوطي , عبد الرحمن الرافعي “
ولا شك أن  الرجل كان محظوظاً كونه عاصر رواد الأدب  والتربية آن ذاك أمثال ( محمد فدا ،  محمد حسن عواد ، محمد سعيد العامودي ، محمد عمر توفيق ،  أحمد السباعي ، حمزه شحاته ، عزيز ضياء ، وكثيرون غيرهم ، حتى أني رصدت 70 اسماً محلياً وعربياً احتك بهم ( طيب ) وهو لم يكمل الثلاثين من عمره بعد .
كان للَقاء والاحتكاك برواد الأدب والفكر العربي الأثر البارز في تكوين (طيب ) الثقافي ، الا أنه يؤكد إلى جانب تلك المؤثرات مؤثرات سياسية صاغت فكره وشخصيته ومن تلك :
1- الثورة المصرية في يوليو 1952 م حيث كان وقتها تجاوز الصف الأخير من المرحلة الابتدائية ، وانتقل من قراءة ” سندباد ” الى ” آخر ساعة ” و ” الهلال ” فتأثر- قطعاً – بالزخم الإعلامي والثقافي والفني الذي واكب الثورة .
2- العدوان الثلاثي سنة 1956 ، إثر تأميم قناة السويس وهنا تفتحت أذهان طيب ورفاقه على الزعيم جمال عبد الناصر الذي يواجه الاستعمار والعدوان .
3- الوحدة بين مصر وسوريا سنة 1958 ،حتى أنهم ( طيب ورفاقه ) كانوا يحفظون الخطاب الذي ألقاه الرئيس عبد الناصر في الجلسة الأولى المشتركة بين مجلس الشعب السوري ومجلس الأمة المصري .
4- انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة سنة 1961 ،وهو الحدث المؤلم والصادم لآمال الوحدة .
هذه الصدمة ،هي التي دفعت ” طيب ” للانخراط في العمل السياسي داخل المملكة الى تنظيم ( الجبهة العربية لتحرير الجزيرة العربية ) في القاهرة ، وكان في الثانية والعشرين من عمره ، استناداً الى الاعتقاد – وقتها – بأن المملكة لعبت دوراً ما في دعم الانفصاليين

كل تلك الأجواء ساهمت في صقل شخصية طيب  ودفعته  باتجاه الإنسان دون حدود ولذلك حتى في مراهقته وشبابه حيث كان انتماء الصبية المكيين لحاراتهم الكثيرة والشهيرة في مكة  إلا أن طيب كان انتماؤه لأصدقائه في أي حارة كانوا.
مارس طيب الكتابة الصحفية في سن مبكر  وفيما بعد جرت عليه تلك الكتابة ويلات المطاردة والتوقيف والسجون
وحيث يقول الفيلسوف الفرنسي( بول نيزان ) عن المثقفين:    ( تراهم أخف من الملائكة , يصمتون حين يجب الكلام , ويتكلمون حيث يجب الصمت)
فإن ( طيب ) يدين فئة ( المثقفون الرديؤون ) ، وهم كثر ممن يتقاعسون عن دورهم التنويري،  والأخذ بيد إنسان مجتمعاتهم ، لكي تطوى صفحة التخلف وترتاد الآفاق الرحبة , وتواكب السياق الحضاري الإنساني ، وهو يشير هنا إلى واجب المثقف في الانخراط في انتاج الوعي .
في عام 1984 كتب ( طيب ) مقالاً بعنوان ( المثقفون المزيفون هم الأعداء الحقيقيون للأمة والحاكم معاً ) ، إلا أن المقال لم يمر بهدوء فبعد نشره طلب للتحقيق من أجل توضيح  ما ورد في المقال.
في عام 1992 وبعد صدور الأنظمة الثلاثة في المملكة العربية السعودية ( النظام الساسي للحكم, ونظام الشورى, ونظام المناطق ) ، كتب ( طيب ) مقالاً بعنوان ( امتحان .. ليس صعباً ولا عسيراً ..!)
فأوقف من قبل المباحث لمدة عشرين ساعة وتم التحقيق معه من أجل استيعاب ما كتب وانتهى التحقيق ب: ” “أخضعناه للتحقيق ولم نلمس لديه سوء النية أو المقصد, كما تأكدنا بأن ليس ثمة تنسيق حول هذا الموضوع مع أي جهة في الداخل أو الخارج”.
في عام 1993 كان (طيب) في الدنمارك ، حينما أعلن عن أسماء أعضاء مجلس الشورى ، وقد تابع الموضوع عبر الصحف هناك ، ثم كتب رسالةً لصديقة (توفيق ابراهيم توفيق) مهنئاً ومازحاً ، وجاء في الرسالة أن إحدى الصحف البذيئة سمت المجلس “مجلس الستين خروفاً”،
فأوقف لمدة 77 ليلة لغرض الفهم لما ورد في الرسالة
وكما أن لـ ( طيب ) آراءه الحاسمة تجاه الثقافة والمثقفين فإن له نفس  الحسم الذي لا يقبل الحياد عن المبدأ تجاه قضايا وطنية عديدة،حول الليبرالية ، و الإسلاموية ، والإصلاح ، والحوار الوطني ، والوحدة الوطنية ، والطائفة الشيعية ، والمرأة ، ومجلس الشورى والانتخابات البلدية وغيرها .
أما حلم دراسة الحقوق فقد كان يراود طيب منذ صباه ، إثر حادثة طريفة حدثت لأخيه ” عادل ” ولم يتحقق له ذلك لظروف عدة.
وبعد ثلاثة عقود من نيل ” طيب ” لبكالوريوس الاقتصاد والعلوم السياسية حقق طيب حلمه ودرس القانون في جامعة القاهرة فضرب” طيب ” أروع مثال على روح التحدي والصمود تجاه الحلم والطموح.
إن أول محنة سياسية تعرض لها محمد سعيد طيب سنة 1964، كان في ذلك العام ، يدرس في الجامعة وفي الوقت نفسه يعمل سكرتيراً في مدرسة الثغر، ومنتمياً لتنظيم سياسي،
و بعد عام ونصف من السجن حان موعد المحاكمة.
تلا مدير عام المباحث في المملكة ” علي الصيرفي ” لائحة الاتهام في قاعة المحكمة ، متهماً المعتقلين بالتخريب والانتماء لجمعيات هدامة , مستدلاً على ذلك بأنه وجد عندهم كتبا ممنوعة ،يقول ” طيب ” بكل خوف ووجل طلبت الكلام ، وحين أذن لي بن جبير , قلت : يا فضيلة الشيخ لو وجدوا عندك نسخة من التوراة أو الإنجيل هل هذا يعني أنك يهودي أو نصراني؟ ، رد الشيخ : أبداً , من حقك يا أخ سعيد أن تقرأ ما تريد
حينها وقف ” الصيرفي ” يريد المقاطعة , لينهره ابن جير بحزم , اجلس يا علي , وجلس ولم ينطق حتى انتهت المحاكمة ،وكان الحكم ” عدم ثبوت ما يدين المتهمين “
أما المحنة الأصعب التي واجهته في مشوار حياته ، وهي حبسه انفرادياً من صيف 1969 الى أواخر 1974م.                                                                                                          في هذا الصيف كان ” طيب ” في الثلاثين من عمره وقد أمضى في الولايات المتحدة عاماً ونصف العام لدراسة ” الإدارة العامة ” ، وقرر أن يقضي الصيف مع والدته في الطائف،وكلف ابن خالته بنقل مكتبته كاملةً من مكة إلى الطائف ، ففعل حتى شملت  25 كرتوناً .
إلا أنه ولمجرد وصوله إلى الطائف ، تم اعتقاله من قبل المباحث قبل حتى افراغ كراتين الكتب
سجن طيب انفرادياً لمدة خمس سنوات ونصف السنة ، من دون مقتضى شرعي أو  قانوني ! ، ومن دون تهمة محددة وبالتالي دون محاكمة .
وأفرج عنه وعن رفاقه بعفو من الملك خالد بعد وفاة الملك فيصل
ومن ذكرياته الأليمة في السجن
1- لم يعلم بوفاة الزعيم عبد الناصر إلا بعد عامين وبالصدفة من حارس سجن جديد
2-  رؤية الشيخ طاهر الفاسي في مكتب التحقيق  مكبلاً بالسلاسل ويجر كرات الحديد بأقدامه
3-  بعد عام من وفاة الشيخ الصبان وصله الخبر عبر صحيفة كانت سفرة للحراس نقلتها الريح فعلقت بقضبان زنزانته
4- ما كانت تصله سوى كذبات حرب أكتوبر 73  وفجعته الحقيقة بعد خروجه
5- خدعه عبد العزيز مسعود مدير عام المباحث في المملكة حين أرسل للأمير سلمان – حسب طلبه من ( طيب ) – شيئاً لم يكتبه
6- زيارتين فقط لوالدته حتى أصيبت بالشلل وكل الأمراض
7-  أثر الحجز عليه حتى أنه خرج لا يعرف المشي

محمد سعيد طيب – كما عرفته – يناضل ويكافح من أجل نقطة مضيئة في أي مجال انساني نافع لوطنه , إنه يتمثل ( نتشه) في قوله ( من يعرف السبب الذي يعيش من أجله يستطيع تحمل العيش بأي طريقة تكون ) 
خرج محمد سعيد من السجن مفصولاً من الوظيفة ، وفي أواخر العام 1974 زاره صديقه د. فايز بدر ؛ يحمل عرضاً من مجموعة من رجال الأعمال ، يريدونه مديراً وشريكاً في شركة جديدة مجالها الإعلان والعلاقات العامة ، وهكذا نزلت ( تهامة ) إلى السوق دون منافس كشركة دعائية ضخمة ، وفي عصر الطفرة ، حتى أن البعض ظن أنها مدعومة من جهات أمنية , والبعض تعامل معها وكأنها مؤسسة صهيونية ينبغي التصدي لها , وآخرون اعتبروها مؤسسة أجنبية متطفلة على الوطن .
ولكنها ( تهامة ) كانت ” حمامة ” طيّرها محمد سعيد طيب ، فعمت الأرجاء داخلياً وخارجياً ( في الوطن العربي ) ، عبر تحويلها من مشروع تجاري ربحي إلى مشروع ثقافي تجسد في مشروعين ضخمين (مشروع الكتاب السعودي وشبكة مكتبات تهامة ومشروع الملف الصحفي )
وقد استقال طيب من تهامة بعد 25 عاماً  وظل في خاطره أنه لم ينجز حلقة الكتب على غرار  ” حلقة الخضار”
ومنذ عام  1976أنشأ طيب ثلوثيته الشهيرة  وهي عادة مكية عريقة سنها الآباء بكسر الأسبوع بواسطة جلسة يجتمع فيها الأصدقاء والزملاء مساء كل ثلاثاء
ورغم أن ” الثلوثية ” نالت صيتاً قوياً على مستوى البلد – إلا أن ” طيب ” يؤكد أن وجود مثل هذه المجالس ما هو إلا سمة من سمات التخلف ! ،لأننا لا نجد مثل هذه ” الكينونات ” في المجتمعات التي تتوافر فيها مؤسسات المجتمع المدني .
يتناول الجزء الأخير من الكتاب  محورين هامين وهما تداعيات حرب الخليج  وردود فعل المثقفين  من جميع الأطياف الفكرية  وما أفرزه ذلك من ( بيان العريضة المدنية ) والذي كان لطيب دور فعال فيها  والتي على إثرها وفي عام 1992 أعلن الملك فهد ( النظام الأساسي للحكم ونظام الشورى, ونظام المناطق )
تلا ذلك  خطاب المطالب ومذكرة النصيحة  التي قدمها التيار الإسلاموي  والتي عبرت عن مطالب الإصلاح من وجهة نظر الحركيين”! .
يقول عدنان :
لقد أرادت “العريضة المدنية” تطوير الدولة في حين أرادت “مذكرة النصيحة” تغيير الدولة
وبعد اعتقالات طالت رموز الحركة الإسلاموية أدت إلى اختلافات داخل الحركة ومن ثم تشتتها .
المحور الثاني : وهو خاتمة الكتاب كان حول أحداث  سبتمبر وإرهاصاته  على المستوى المحلي والحراك السياسي والاجتماعي الهائل والذي تجسد في إصدار البيانات الإصلاحية وفي غيرها, حيث ارتفع سقف الحرية والنقاش في الشأن العام في المجالس العامة, والصحف والمنتديات الإلكترونية 
وما جرى من اعتقالات  في عام 2004 والتفاصيل حديثة عهد بكم أيها الحضور الكريم
ولا داعي للإطالة عليكم بذكرها

وفي الختام أؤكد أن هذا الكتاب هام  جداً ومثر لمكتباتنا المحلية