المصدر : شبكة مصدر الإخبارية
بقلم : محمد سعيد طيب
إن لمعهد آرمر للأبحاث العلمية في شيكاغو فضل ابتكار طريقة تسجيل الصوت على الشريط والسلك.. وقد بلغ هذا الابتكار حد الإتقان علي يديْ أحد رجال المعهد واسمه (مارفن كامراس).
فقد أخذ (كامراس) يتساءل: أليس هناك وسيلة أخرى لتسجيل الصوت أفضل من طريقة التدوين على الاسطوانات المعروفة بمفردها؟!.
وكان يعلم أن عالِماً دانمركياً اسمه (فالدمار يولش) قد استطاع أن يسجل الصوت بواسطة التأثير المغنطيسي في سلك غليظ أو شريط معدني.. ولكن النتائج التي وصل إليها (ولش) لم تكن مرْضية.
وتقوم نظرية التسجيل المغنطيسي على أن يحرك سلك دقيق كالشعرة بين قطبي مغنطيس كهربي بسرعة تبلغ نحو قدم وربع قدم في الثاني. ويكون ذلك المغنطيس الكهربي موصولاً بمحول كهربي للصوت (الميكروفون) فيتمغطس السلك بالتيار المتقطّع الذي يتولّد فيه.. وهذا التيار تتباين قوته بتباين فوة الموجات الصوتية.. وإذا أريد الاستماع إلى التسجيل فإنه يعاد إمرار السلك الممغطس خلال مغنطيس آخر موصول بمكبر صوت وآلة إذاعة.. وبديهي أن لهذا التسجيل ميزات أهمها خلوّه من خشخشة الاسطوانات وانقطاع الاستماع عند قلبها. ويمكن محو التسجيل بالمغنطيس فيعود السلك مرة أخرى صالحاً للتسجيل.
إن ماري سكلودوفسكي المعروفة لدينا بـ “مدام كوري” هي أول من اكتشف عنصر الراديوم الذي يستخدم الآن لعلاج السرطان. وإن هذا الكشف كان نتيجة العمل المتواصل والكد المستمر لهذه العالمة مع زوجها د. بيير كوري.. ولعلك تعجب إذا عرفت أن مدام كوري حين أعلنت للمجمع العلمي الفرنسي في 12 أبريل 1898 إعلانها التاريخي الذي تقول فيه:
“تعلن ماري كوري عن احتمال وجود عنصر في معادن خامات البتشبلند متميز بنشاط إشعاعي قوي أقوى بكثير مما يوجد فعلاً في معدن اليورانيوم”.
حين أعلنت ذلك كان رد المجمع عليها:
” نحن لا نعتقد بوجود مادة جديدة إلا إذا شاهدناها ووزنّاها وامتحنّاها بالأحماض وعرفنا ثقلها الذري”. ولم يثبط ذلك عزم مدام كوري.. بل راحت تصهر أطناناً من البتشبلند الخام الذي أرسلت تستحضره من من جبال بوهيميا.. وظلت وزوجها في هذه العمليات من عام 1898 إلى عام 1902 حتى حصلت من هذه الأطنان الهائلة على عُشْر جرام من الراديوم النقي وعيّنت وزنه الذري بمقدار 225 وحدة.. ولم يكن أمام المجمع العلمي إلا أن يحني رأسه احتراماً لهذا المجهود الرائع.
والراديوم عنصر ذو إشعاع قوي يبلغ في قوته مليوني مرة من قوة اليورانيوم. وهو نوراني مضيء حتى لتمكن المطالعة ليلاً على ضوئه.. وهو يمنح الضوء لأجسام معتمة كالماس إذا عُرّضت له.. وللراديوم صفة العدوى فيستحيل أن يُتْرك جماد أو نبات أو حيوان أمام أنبوبة راديوم دون أن يؤثر فيه.. ولذلك لا تتعجب إذا عرفت أن أصابع المكتشفة العظيمة قد تفتّت من جرّاء تجاربها عليه.
“( نشر هذا المقال قبل 54 سنة في مجلة العلوم الصادرة عن مدرسة الرحمانية بمكة والتي كان الأستاذ محمد سعيد طيب أحد طلبتها)”