السجين 32: احلام محمد سعيد طيب وهزائمه’ سيرة القمع والسجن والاصلاح في السعودية – الأستاذ إبراهيم درويش

المصدر : صحيفة القدس العربي

هذا كتاب جميل عن السياسة والاعلام والحياة الثقافية في السعودية من نهاية الستينيات الى الان، وفيه حكاية لمنعطفات الحياة السياسية والثقافية في البلاد في اربعة عهود ملكية، وهو عن القمع واليد الحديدية وعن العلاقة بين المعارضة والسلطة، والقارئ له يشعر ويتساءل عن الدراما الهزلية في حكاية الحرية وحرية التعبير عن الرأي، ويشعر بالغضب والتعاطف واحيانا يضحك من سخرية الحياة السياسية في هذا البلد الكبير.

 

وما يهم في هذا الكتاب انه يؤرخ لجيل من السعوديين العروبيين والوحدويين ومن آمنوا بالحلم اليساري في مرحلة من المراحل، ومآلات الاحلام والعلاقة مع التيارات السياسية في العالم العربي ودور الاسلام والاسلاميين في رسم منعطفات الحياة في السعودية، وهو يسرد مرحلة ما بعد حرب الخليج التي تعتبر من اهم المراحل التي ايقظت المثقفين واحدثت جدلا بينهم، ومن تلك الفترة صارت كلمة ‘اصلاح’ على كل لسان. طبعا مفهوم الاصلاح يختلف من طرف لاخر في المعادلة السياسية في البلاد، فمرحلة ما بعد الحرب وان تركت اثارها الاقتصادية والمعنوية على السعوديين، حيث رأى الكثير من المثقفين في نزول الجنود والمجندات الامريكيين على الارض السعودية اهانة للحس الوطني، وطرح تساؤلات عن المليارات التي تصرفها البلاد على شراء الاسلحة، وتدريب الجيوش، وكيف كشف احتلال الكويت عن عيوب وضعف في الدولة التي لم تكن قادرة على الدفاع عن نفسها. والكتاب هو عن الطفرة النفطية واثارها على البلاد وزمن الثروة وبناء الاحلام التي ستتراجع فيما بعد وتضرب بالحرب والتحولات التي مر بها المجتمع السعودي. المتابع العادي لما يحدث في السعودية يعرف ان فيها اليوم تيارين اسلامي على تنوعاته السلفية: الرسمية، المحافظة، العلمية، السياسية، والجهادية. ويعرف ان مرحلة ما بعد الخليج ادت لصعود السلفية السياسية التي قامت على انقاض التأثيرات الاخوانية التي قضت عليها الدولة بعد هيمنة استمرت لاكثر من ثلاثة عقود، والتيار الاخر هو ‘الليبرالي’ والصورة السائدة عنه انه تيار متغربن ومتأمرك ويخدم المشروع الامريكي، نظرا لان الممثلين له اصواتهم مرتفعة في الاعلام وفي امبراطوريته التي نجد اصابع الاخطبوط السعودي وماله متغلغلة فيه، لكن لا نعرف او المشاهد العادي ان هناك ليبرالية سعودية عروبية- اسلامية، تحمل مشروعا وطنيا، يقوم على حس المواطنة والغاء كل اشكال التفرقة المذهبية والطائفية وتدعو للحوار الوطني واحترام الرأي وتبادل الافكار حول تطوير المجتمع السعودي، كي يواجه تحديات العولمة.

لم يعجب طويل العمر

 

وفي جانب اخر من هذا الكتاب فإنه عن العزل السياسي والقمع والسجون والحس الامني الذي يطبع الحياة في السعودية او على الاقل في مراحل منها، وهو عن الملاحقة، وكما قلنا فان المهزلة او الكوميديا السوداء تظهرعندما تنشغل المؤسسة السياسية في تحليل مقال كتبه مثقف ينتقد بأدب ملامح الحياة في بلده، وسبب المهزلة ان ‘طويل العمر’ وهو الملك لم يعجبه المقال، وهنا تبدأ سلسلة الرقابة تعمل- دعوة للتحقيق سجن مؤقت ومحاولات ووساطات يقوم بها المعارف والاصدقاء من اجل اطلاق سراح المثقف وبعد الخروج تتبع اجراءات اخرى من منع للسفر يكون له اثره الاخلاقي والمعنوي على المثقف لانه خرج من سجن لسجن اخر. وفي اطار اخر، نقرأ في هذا الكتاب ان الحوار الثقافي في السعودية يدور حول نفسه، ويحاور نفسه ويخترع المثقفون معارك وهمية او حقيقية، ويخوضون حرب بيانات ومذكرات تقدم لاولي الامر تطالب بالاصلاح. وكما شاهدنا فان فترة التسعينيات وبداية القرن الحادي والعشرين شهدت مطالب اصلاحية وتحولات جوهرية في الخطاب السياسي الديني منه والليبرالي. وبعد هذه المقدمة الطويلة نعود للقول ان هذه الهموم التي عاشتها وتعيشها الحياة الثقافية السعودية، نقرأها في رواية ‘المثقف’ السعودي، محمد سعيد طيب (مواليد عام 1939)، ووضعت الكلمة بين قوسين للتأكيد وليس للتشكيك، لان ملامح حياة هذا السعودي، الذي رفض كلمة الخليجي، متنوعة بين العمل الاعلامي- الصحافي والاعلاني، وبين نشر الكتب والكتابة الصحافية ونشر بعض الكتب والنقاشات الثقافية في الدواوين او الصالونات التي تعقدها النخبة في بيوتها، طوال ايام الاسبوع، ولعل هذه اللقاءات تعتبر في مجالها المكان الذي يتنفس فيه المثقف نوعا من الحرية مع انها مقننة.

ارفض الخليجي

وطيب حمل ولا يزال الحلم العروبي برؤيته الوحدوية ولا يزال مؤمنا ان عوامل الوحدة اقوى من التجزئة: ‘انا وطني وعروبي ووحدوي ولست خليجيا’، و’ارفض ‘المواطن الخليجي’ و ‘المثقف الخليجي’. في محاولة لرفض الاقليمية السياسية والثقافية التي تكرست منذ مدة ‘ الاغنية الخليجية- الفيلم ـ الدراما- ومجلس التعاون الخليجي’، وقد انتقد طيب على هذا الرفض كما يظهر في الكتاب.
‘احلام محمد سعيد طيب وهزائمه’ ليس سيرة بالمعنى التقني بل هوهي مجموعة من اللقاءات التي اجراها احمد عدنان ، الصحافي السعودي المقيم في بيروت، وولدت الفكرة في لقاء اجراه عدنان مع طيب في برنامج ‘عيشوا معنا’ على قناة ‘ال بي سي’ عام 2009، واقترحها الصحافي محمد علي فرحات، الشاعر والصحافي اللبناني، حيث اقترح تفريغ اللقاء ونشره في كتاب يروي حكاية الاصلاح في السعودية، ولكن عدنان اراد اقناع ‘ابو الشيماء’ بكتابة تجربته في المعارضة الداخلية، والمطالبة بالتغيير وحكاية محاولات جيله للحصول على فرصة عمل وتشكيل تنظيمات وجمعيات على الرغم من المرسوم الصادر عام 1956 والذي يمنع اي نشاط سياسي ايا كان. ومع ذلك ناور طيب وجيله من اجل بناء حركة سياسية او حراك سياسي في المملكة وساروا بين اشواك المنع وحواجز القمع، ومن هنا فمعارضة الداخل تظل في معاييرها غير معارضة الخارج وقد تشكك الاخيرة فيها وفي نواياها لانها تمت في ظل السلطة، وبرضاها احيانا ومعارضتها احيانا وظلت رهن المزاج السياسي للامراء والمسؤولين السعوديين، لكن رواية هذا الجيل لقصته مهمة لانها توثق للنضال السياسي السعودي في كل اشكاله للاصلاح والتغيير.

حكاية تهامة وادبائها

وتنبئ سيرة طيب كما يقدمها عدنان عن رجل ناجح في حياته، عمل في الحكومة والتعليم ومن ثم ترأس اكبر شركة اعلانات ونشر في المملكة وهي ‘شركة تهامة’ التي خدمت الاعلام السعودي المحلي وعملت على نشر الكتاب السعودي ‘الكتاب العربي السعودي’ وشجعت على القراءة ودعمت الكتاب السعوديين، كما انها فتحت المجال لتوزيع النشريات القادمة من الخارج من مصر ولبنان وبقية انحاء العالم العربي، ويذكر قصة طريفة عن فؤاد سراج الدين، رئيس الحزب في حينه وكيف قال له ‘يا سعيد بيه انا حاملك تمثال’ بعدما علم ان صحيفته ‘الوفد’ توزع 30 الف نسخة في السعودية، وطرائف اخرى من مثل شكوى نزار قباني من وكيل اعماله لانه لم يكن يرسل اية عوائد مالية من نشرياته، واراد التعاون مع ‘تهامة’ لكن الراحل قباني، كما يقول طيب لم يكن يعرف ان كتبه ممنوعة. وهناك مشهد اضحكني وهي زيارة طيب للعميد مصطفى طلاس وزير الدفاع السوري والناشر واقتراحه طباعة الموسوعة البريطانية، حيث دعاهم لبيته وامر زوجته ان تعد الكنافة المعروفة، ويصور طيب المشهد عندما حمل العماد كما كان يعرف السكينة ووقف قائلا ‘وهبت حياتي’ وظن طيب انه وهب حياته للجولان والقدس ولكنه قال ‘وهبت حياتي للكنافة والحلا’، وقصص اخرى عن معركة بين احمد عبد الغفور عطار والشيخ حسن شربتلي الذي كان يتصدق بطبع الكتب الدينية وتوزيعها وغلط وطبع كتابا حققه العالم والاديب المعروف وطلب الاخير بتعويض قيمته 400 مليون ريال. وقصص اخرى عن كتاب سعوديين يشتكون من عدم حصولهم على المكافأة المناسبة عن اعمالهم، مع ان كتبهم لم تكن توزع الا نسخة او نسختين.

عسكرة الاعلام

والاهم من هذه القصص المضحكة هي علاقة طيب والمؤسسة التي كان يديرها مع الرقابة ومزاجيتها فهي احيانا تجيز وبعد الطبع او اثناءه تقرر عدم مناسبة الكتاب للجو السعودي وتأمر بوقف الطبع وتشتري النسخ كلها وتشتريها لتدمرها. ويشير الى فترة علي الشاعر كوزير للاعلام الذي يقول انه ‘عسكر الاعلام’ السعودي. وحكاية طيب مع الشركة لم تكن عن المثقفين السعودين، وتشجيعهم بل عن جيل اغنى الثقافة السعودية والمكتبة التراثية العربية من حمد الجاسر وعبد الله عبد الجبار الذي يقول انه وضع شيكا صرفه له الملك فهد بقيمة خمسة ملايين ريال في داخل كتاب ولم يصرفه وعطار واستاذه محمد فدا واخرون من جيل التأسيس التعليمي وجيل من الدبلوماسيين المثقفين، وزير النفط ، احمد زكي يماني، ووزراء الاعلام، محمد عبده يماني، وشعراء والكاتب الشهير غازي القصيبي، وهو عن الكتاب العرب والثقافة العربية، علاقته مع هيكل، وزيارة طه حسين لجده وكيف وقفوا امامه كالتلاميذ وتصرف حسين كالامير المحمل بالعطر الباريسي، وذكرياته مع محمود السعدني، وذكرياته عن ام كلثوم وحفلاتها في وحضور عبد الناصر احدى حفلاتها وحبه لاغنية ‘اروح لمين’ ومحاولة الشاب في حينه استراق النظر للرمز العربي بالتعلل بالذهاب لدورة المياه مما اثار شكوك حرس ناصر، وقصة عن بورقيبة الذي انهمر بالبكاء وهو يريهم صوره القديمة وتظهر جهاد المجاهد الاكبر، وحكاية نهب دار سعاد الصباح وانهيارها بسبب سوء الادارة، وزيارته لبيروت وكيف انه بحث عن دار نشر نزار قباني والتقى هناك بالشاعر الذي وقع له على نسخة ‘الرسم بالكلمات’. مع اهتمام طيب بنشر الكتاب السعودي الا انه لم يكن حريصا على اجتذاب او نشر كتب الحداثيين لانه لم يكن يحمل موقفا ايجابيا تجاههم، ربما لعدم اهتمامهم بقضايا الوطن او لانهم كانوا نخبويين الا من رحم الله.

المثقف الجبان

كل هذه الثروة عن الحياة الثقافية في السعودية مهمة لانها تعطي صورة عن الحراك الداخلي وهموم المثقفين في السعودية، مخاوفهم وحدود التعبير المسموح لهم مما ادى بهم احيانا للخروج من البلاد بحثا عن افق ارحب، وهنا يعتبر طيب من اهم نقاد المثقفين السعوديين الذين يهرب بعضهم للخارج في سلبية واضحة من خلال البحث عن فرص للابتعاث او من يعتقدون ان كتابة المقالات في الصحف تقدمهم اقرب لصناع القرار. ويصف المثقف السعودي بالجبان وانه ‘شاهد ما شفش حاجة’ وانه ‘اسير لجبنه وسلبياته وانانيته’، ولانه يؤمن بالحرية ولا يمارسها ويتشدق بالتقدمية ويقوم بعكسها. وتحضر هموم المرأة حيث يقول انها عدوة نفسها وانها تنتظر من الرجل ان يحل مشاكلها ويدافع عن قضاياها، مع انه يلوم الوضع السياسي وكذا الموقف الديني الذي يخترع الاعذار الدينية للابقاء على وضع المرأة كما هو. ومع ان عدنان في هوامشه المفيدة للكتاب وتعريفاته يذكر انجازات المرأة السعودية في السياسة والعلم والثقافة الا انها تظل حالات فردية او استثنائية، فما تحتاجه المرأة تغير في النظرة اليها ودورها، وهو ما يراه طيب حيث يقول ان ذريعة تأثر المرأة بالمؤثرات الاجنبية غير صحيحة لان الحكمة ضالة المؤمن. يعتقد طيب ان حرب الخليج كبدت السعودية خسائر مادية ومعنوية وان لم يكن مؤيدا للتدخل الغربي في الازمة وكانت هناك امكانية التوصل لحل عربي.

بن لادن والكوارث العربية

وفي هذا السياق يذكر الكاتب انه التقى اسامة بن لادن- زعيم القاعدة مرة واحدة، وانه لم يكن من المعجبين به، وقال له ان كنت تريد محاربة الباطل فهو عن يمينك وشمالك، فرد بن لادن ولكن كيف ندرب رجالنا. ويرد على سؤال- اي الطيب- لماذا اذا طبعت ‘تهامة’ كتبا عن الجهاد الافغاني، فأجاب ان الطباعة جاءت بضغط من مسؤول كبير، ويشير الى نظرية المؤامرة التي حملها بن لادن عن احتلال الكويت وكيف ان الامريكيين دفعوا صدام لاحتلال الكويت. وعن اسباب اندفاع الشباب الى الهجوم على امريكا ومنهم 15 عشر شابا يرى ان السبب يعود للموقف من الادارة الامريكية المتحيزة لاسرائيل وللثقافة التقليدية. وهذا يقود الى الحروب العربية حيث يرى ان كارثة عام 1967 كانت ‘اعظم كارثة في حياتي، فاقت فقدي والدتي وفاقت وفاة عبد الناصر’ واثرت على توجهه العملي في الحياة، لكنه يقول ان هذه الهزيمة لم تجعله يغير موقفه من عبد الناصر او يكفر به لان النكسة لا علاقة بها بالقومية التي هي شعور وانتماء وهوية، والغريب انه عرف بوفاة عبد الناصر بعد عامين من وفاته عندما كان سجينا مقطوعا عن العالم، ونلحظ مدى الحب الذي يكنه لعبد الناصر لدرجة رؤيته بالمنام وهو على جبل قبيس. ويتساءل عدنان عن سبب اختياره للدراسة في امريكا وهي المسؤولة عن الكارثة، ويجيب انه بسبب العلاقات المتردية مع مصر كانت كل البعثات لامريكا ولم يكن امامه اي خيار. ويقول في اتجاه اخر انه بكى عندما عرف بعبور الجيش المصري خط بارليف، مع انه عارض زيارة السادات لاسرائيل التي رأى انها قطعت مصر عن اطارها العربي واثرت على القضية الفلسطينية. في اتجاه اخر يرى طيب نفسه من ناحية الفكر وسطا بين الاسلاميين والليبراليين ويرى ان المعسكرين مطالبان باصلاح نفسيهما، الاسلاميون مطالبون بالانفتاح وقلع جذور التطرف، والليبراليون مطالبون بالتخلص من المتسلقين والانتهازيين الذين لم يكتفوا بالصمت عندما اعتقل الاصلاحيون بل هاجموا وتشفوا وتزلفوا لاولي الامر، ويرى ان التيار الاصلاحي يضم الجميع في السعودية اهل السنة والطائفة الشيعية والاسماعيليون كلهم تجمعهم المواطنة.

الاعتقال ثم الاعتقال

وهنا نعود الى تجربة الاعتقال التي عاشها طيب حيث سجن في الفترة ما بين 1969 – 1974 لجريمة لا يعرف كنهها وربما تعلقت بمحاولة انقلابية على النظام نبعت من المنطقة الشرقية، ويتذكر طيب تاريخ القمع والعزل والتعذيب والاستفزاز الذي عاناه من المخابرات خاصة من عبد العزيز مسعود الذي كان جلاده ،ويرفض طيب ان يسامحه على تلك السنين السود التي قطعت وتيرة حياته، لكن السجين رقم 32 ظل يدخل السجن ويخرج منه، ومرة سجن لانه كتب رسالة شخصية لصديق له هو توفيق ابراهيم توفيق، عضو مجلس الشورى عن انتخابه في المجلس ورؤيته لعمله،وكيف ان كلمة ‘سيناتور’ لم تعجب اهل الحكم باعتبارها تهكما وحل ضيفا على سجن الحاير- اكبر سجن في العالم، ومعاناته، والساخر في الامر انه عندما خرج من السجن ذهب الى جناح خاص في فندق من خمسة نجوم ريثما يعود الى بيته في جدة، ويبدو ان اطلاقه اسم عبد الناصر على واحد من ابنائه كان يعتبر دليلا على اعتناقه افكارا مناهضة للدولةـ واثناء سجنه قال له السجان انه لو حلل جسدك مخبريا لوجد في كل خلية من خلاياه ـ طيب ـ عداء للدولة، ومنع من السفر في الفترة ما بين 2004 -2009 حيث حرم من حضور حفلة تخرج ابنته في الجامعة الامريكية، واعتقل وحقق معه مرة لانه كتب مقالا في مجلة ‘ روز اليوسف’.

انجازات الملوك وسلبياتهم

ويحمل الكتاب تقييما لملوك السعودية من فيصل الى فهد، وتقييما لمرحلة الصراع التي قادت الى تنحي الملك سعود عن الحكم وتولية الملك فيصل، ويشير الى انه خاف عندما اعلن عن مقتل الملك فيصل، حيث توقع اعتقاله لكن تبين ان قاتله من ابناء العائلة. ويرى في الملك فيصل المؤسس الثاني للدولة السعودية ويقول انه كان حاكما قويا لكن سلبيات عهده هي ان الاجهزة الامنية سلطت على رقاب الناس، فيما يرى في عهد الملك خالد انه بدأ بالعفو العام، وشهد احتلال الحرم ولم تكن الحكومة حكيمة بمعالجة قضية ‘موت اميرة’ التي شوهت صورة السعودية امام الرأي العام. وبالعودة الى الملك سعود يقول ان البلاد شهدت في عهده نهضة تعليمية وتعليم البنات والغاء معاهدة قاعدة الظهران والحكومة الشعبية اما سلبيات حكمه فهي عدم التفريق بين المال العام والخاص.. ام عهد الملك فهد، فقد تميز بالعمران، واعمار الحرم، واصدار القوانين الثلاثة ـ النظام الاساسي للحكم- نظام الشورى ونظام المناطق- والرجل كما يصفه بانه كان جنتلمانا ودمث الاخلاق- اما سلبيات حكمه فهي الانخراط في الجهاد الافغاني والحرب العراقية ـ الايرانية وما ترتب عليها من احتلال الكويت واستدعاء القوات الاجنبية ، واستشراء الفساد وضعف البنى التحتية واهدار المال العام ومشروع زراعة القمح الذي ادى الى استنزاف المصادر المائية الجوفية. تبرز في كتابه صورة عن الامراء ومن بينهم علاقته مع الامير نايف الذي يبدو في صورة المتفهم والصديق، وهناك امراء اخرون يردون في الكتاب ومنهم دعاة اصلاح او متفهمون له. في النهاية يحلم طيب بدولة الدستور والمؤسسات، ويحلم بما يحلم به البسطاء. ويقول ان الحلم القومي العربي لم يفشل ولكن قوى الشر العالمي من افشلته. وبالعروبة نحيا وبها نموت، طيب ليس ثوريا ولا انقلابيا ولكنه اصلاحي، لا يؤمن بانفصام بين العروبة والاسلام.

‘السجين 32

احلام محمد سعيد طيب وهزائمه’

اعداد: احمد عدنان

تقديم: محمد حسنين هيكل

وتقريظ احمد زكي يماني

المركز الثقافي العربي

بيروت – 2011