محمد سعيد طيب .. والدور التوعوي . الأستاذ فراس الخنيزي

المصدر : منبر الحوار و الإبداع

فراس الخنيزي

في اخر إستضافة لديوانية الملتقى الثقافي الذي حشد عددا كبيرا من المهتميين بالشأن العام من المثقفين البارزيين على مستوى الإصلاح السياسي والإقتصادي، والنساء المطالبات بحقوقهن، والشباب المتلهف والمتخبط ما بين خطوات الجيل السابق وما بين الإبتكار و التجدد. حيث استضاف الملتقى الشخصية الوطنية البارزة محمد سعيد طيب ليتحدث عن مسيرته الطويلة والحافلة في النضال من أجل العدالة والمساوة والحرية و التي سطرها الأستاذ أحمد عدنان في كتاب “السجين 32” والتي بنى عليها الكثير من الحاضريين امال لتروي عطشهم تجاه القضية الوطنية المشتركة، محاوليين البحث عن مسار ومنهج يسير عليه الشباب المتمرد و المتملل من الطرق القديمة المتوقعة نتائجها.

كانت أمسية غاية في الروعة ولكن ليست لما تم تداوله بل بسبب وجود كل ذلك التاريخ في شخص الموجودين، التاريخ الذي وضع لنا حجر الأساس للمد الإصلاحي ولكن للأسف لم يعول على الشباب في خلال مسيرته ليرسم لنا الطريق ونسير من بعده، والدليل على ذلك واضح في المسلك التي انتهجته الحركة الإصلاحية في السعودية خلال الربيع العربي و تشتت قوى وفئات المجتمع أمام الفتنة الطائفية والمكرمات الملكية وهذا في نظري ما نساه القدامى أو تناسوه أمام قسوة النضال الوطني في الزمان القديم فالمجتمع هو الذي يحتاج إلى إصلاح، وخاصة الشباب المحرومين من التوجيه والقيادة والتوعية فبدون قبطان لن تبحر السفن.

أتذكر من تلك الأمسية أحد الحضور وهو يسأل “ما الحل؟ .. ما الحل؟ نحن نُصطاد كما الغزلان واحداً تلو الاخر” وتبادر في ذهني العديد من الأجوبة المحتملة لتشجيع هذا الشاب وما كان من الضيف إلا أن جاوب “اصبروا” و كم احبطني هذا الجواب ولم يقنعني البتة.

الشباب اليوم يقف حائرا لا يعرف أين يتجه وليس هناك مسارا واضحا يسلكه مع انه جاهز لأي خطوة عملية. تتوقعون منه الكثير وهو لا يدري كيف يحقق أي شي. ليس هناك قيادة اصلاحية موحدة يلتف حولها وليس هناك تكتل وطني لينضم إليه . فاليوم يحتاج إلى وضوح في الطرح والرؤية  وفي تبني أهدافه المشتركة. كثر الحديث عن الشباب وبنيت الأحلام حولهم وليس هناك حتى الان هيكل حقيقي يمثلهم. فالشباب اليوم لا يريد فقط تكرار المشاريع التي اعتاد الإصلاحيين تداولها ليتجاوزوا ختم الرقابة، بل يريدون منهم إلغاء الخطوط الحمراء كما هم ألغوها وقدموا التضحيات من أجلها. الشباب يريد خطوات شجاعة مهما كان ثمنها. قد تكون لغتهم بسيطة ومباشرة لكنها تتقاطع مع الطرح النخبوي الذي لم يعد يجذبهم.

كم شعرت بالغنى الثقافي والوطني بوجودي في تلك الأمسية فكثيرٌ من الحضور ذاقوا مُر الزنازين وقسوة التعذيب في نضالهم الوطني، وقدموا الكثير والكثير من أجلنا ومستقبلنا فتشاركنا عند نفس الهم، رغم تغير الزمن. في ظني أن الإصلاحيين اليوم أقوى من الأمس وأن الشباب اليوم ليسوا كما يُظن حتى فترة ليست بالبعيدة ، فغابت سبل التواصل معهم ولا أتمنى اليوم إلا أن يقدم الإصلاحيين للشباب نتاج نضالهم بأبسط الطرق ليتابعوا المسيرة ويطوروها وأن يقوم الرموز بدورهم القيادي لوضع أكثر تنظيما وتركيزا كي يستطيع الشباب من فك رموز اطروحاتهم قبل أن يفوت الآوان، فمن خرج في الشارع ليس بالضرورة يحمل نفس المستوى الفكري و الأدبي. دائما نقول أن ثمن الحرية غالٍ ومؤلم فهل تغير الحال اليوم وهل باتت الحرية أرخص؟!

أشكر ديوانية الملتقى الثقافي على هذه الفرصة الجميلة التي جمعتنا بهذه الشخصيات المتولعة بحب الوطن وكافحت بلا كلل في سبيل الإصلاح، وأشكر كذلك القائميين عليها، فهذه النشاطات هي من أبسط الأمثلة لتبادل الأراء والتجارب التي تصب في نهر التغذية الثقافية ما بين جميع فئات المجتمع من الجنسين على إختلاف انتمائتهم الفكرية.