المصدر : جريدة الجزيرة
الدكتور. إبراهيم بن عبد الرحمن التركي
رغم أنه امتدح بعض «الصالونات الثقافية الجادة» إلا أن الأستاذ محمد سعيد طيب (صاحب الثلوثية) رأى أنها علامة تخلف، وقال – في مهاتفة خاصة تعقيباً على مقال صاحبكم: ألغوا الأندية الأدبية – إنها (أي الصالونات) نتاج قصور مؤسسات المجتمع المدني عن تحمّل أدوارها، بإرادتها وبدونها، وتساءل: هل رأيت مثل هذه المنتديات الخاصة في البلاد ذات التنظيمات المؤسسية؟
لأبي الشيماء استفهامه المشرع المشروع، وإذ يبدو مصطلح» المجتمع المدني «حديث التداول فهو قديم الممارسة، وقبل الصالونات الثقافية كان (النادي) في عنيزة – الذي يعد» دون توثيق» الأقدم على مستوى الوطن – منتجاً ثقافياً مدنياً بامتياز، ومثلت (المراكيز) الحجازية ضفة موازية، وجاءت الصالونات بديلاً يستكمل قصور المؤسسة الرسمية وعجز المؤسسة الأهلية.
تجيء هذه المقدمة الضرورية، والثقافة تأخذ مساحة مهمة في المنتديات والفضائيات، وربما كان أهمها الحوار الوطني والقناة الثقافية، وقد بدوا هزيلين؛ فالثقافية المتلفزة ظهرت بشكل مرتجل يُظن معه أنها دون إعداد واستعداد، أما الحوار – بعدما مر على إنشاء مركزه أكثر من ستة أعوام – فهو نشاط يمكن أن يقوم به أي ناد أو مركز ثقافي يؤذن له بالاستضافة، وتوفر له ميزانية التذاكر والإقامة، ولا يفاجأ مسئولوه بإلغاء محاضرة أو ندوة أو عرض أو قراءة.
هنا ينشأ الحوار الوطني الحقيقي المباشر القادر على تعزيز النسيج الاجتماعي لا استنساخ صوت متبدل؛ ربما كان محافظاً يوماً وليبرالياً يوماً آخر، ومثلما وصلت المؤسسات الثقافية الرسمية إلى وضع غير مطمئن؛ فأولى بمركز الحوار وقناة الثقافة أن يعدلا ويبدلا؛ ما يضمن لهما أداء جيداً متجدداً دون أن يتكئا على التجمّل والمجاملة في زمن الشفافية والعلانية والمساءلة.
ليس المطلوب من الحوار أن نستبدل العباءة بالقبعة، أو يلبس العقال من يضعه، فلنختلف كما نشاء، ولنأتلف في الانتماء، وليبق الوطن هو المظلة، لكننا نشفق على مركز الحوار إن واصل مهامه بأسلوب الندوات ألا تبقى له مهام، وكان يكفينا منه لو تبنى موقفاً علنياً ضد محاصرة أسماء، أو وقف أنشطة، (شهد عامنا المنصرم من هذه ما يدفعنا للتشكيك في جدوى حوار الدعوات المرتبة إلا إذا كان الهدف إعلامياً)؛ فندوة الأحساء يمكن تقسيمها بضيوفها لندوات في كل المناطق عبر الأندية والمراكز الثقافية وبحضور وتفاعل الجماهير ومن ميزانياتها؛ فليس مهماً أن يسلم نخبوي على نخبوي (وإن كان عاراً ألا يفعلا)، لكن الأهم أن يقتنع العامة أن الاختلاف طبيعة الأحياء، وأن الثوابت مؤطرة، وأن المنبر – أياً كان – حق للجميع، ونعني: كل المنابر وجميع الجمبع.
الثقافة أسئلة ومساءلات.