مـحـمـد بن علي الـمـحـمـود
المصدر : صحيفة الرياض
هذا هو المقال السادس والأخير، من جملة المقالات التي خصصتها لنقد الكتاب الدعائي (الليبرالية في السعودية) . ولم يكن نقد هذا الكتاب التافه هو ما دفعني لتخصيص كل هذه المقالات عنه، وإنما رأيت في استعراض مغالطاته والتنبيه على تحيزاته فرصة لإضاءة كثير من إشكاليات العلاقة بين الليبرالية من جهة، وبين مفهومها في الذهنية السائدة المتأثرة بالخطاب الصحوي من جهة أخرى. فالفهم المغلوط السائد اجتماعيا، إنما نتج في عمومه عن مثل هذا الكتاب الذي لا تتجاوز منهجيته منهجية الكاسيت الصحوي قديما، والبرامج الدعوية الفضائية التحريضية حديثا. ومن ثم فهو في أحسن أحواله ليس أكثر من شريط كاسيت صحوي تمَّ تفريغه في كتاب.
إنها الغثائية الصحوية التي غطت سُحبها السوداء الملوثة أفقنا الثقافي حيناً من الدهر. لدي شواهد واقعية كثيرة على هذه الغثائية التي لا تزال تتسيد خطابنا التقليدي، وسأذكر هنا واقعة تشرح كثيرا من ملامح الغثائية الصحوية التي لا يزال بعضنا يَعدّها خطاب تصحيح ديني.
قبل سنوات، عقد أحد المحاورين في إحدى القنوات الإسلاميوية حوارا مع أحد الوعاظ عن الليبرالية بوصفه خبيرا بها، وطلب مني المشاركة هاتفيا بوصفي أحد الذين يعلنون عن موقفهم المتبنّي للرؤية الليبرالية. لم أكن أعرف الضيف، وإن كان المحاور قال لي: إنه الشيخ فلان، وهو من ضيوف القنوات الفضائية الذي يحلون عليه في كثير من الأمسيات. ربما كان اسمه قد مرّ عليّ، ولكن لم أكن أعرف عنه شيئا، لا من حيث تفاصيل التوجّه، و لا من حيث المستوى العلمي. لهذا وافقت، وجلست منذ بداية الحلقة أستمع في انتظار الاتصال. أتى المقدم بمقدمة تتراءى بالحياد الظاهري (مع أن لحن القول يشي بالتعصب الحاد ضد الليبرالية)، ثم بدأ الضيف في الكلام على الليبرالية. لم تمض سبع دقائق تقريبا حتى كنت أغلق هاتفي النقال غضبا. لم يكن غضبي لتطرفه، ولا لنزقه الظاهر، وإنما لجهله الفاضح، هذا الجهل الذي يصل درجة أن يكون إهانة لمن يدخل معه في أي حوار حتى ولو كان حوارا عابرا. بمجرد أن تكلّم في تلك الدقائق المعدودة تيقنت أنه لم يقرأ حرفا واحدا عن الليبرالية. تأكدت أنه دُعي إلى هذه الحلقة، فبادر مسرعا، ولأنه لا يعرف شيئا عن الموضوع، وليس لديه المصادر اللازمة، فقد اتجه إلى كتاب تم توزيعه مجانا من مبدأ الاحتساب، استحضر كتاب (الحداثة في ميزان الإسلام) وبدا ينقل عنه نصا !. نعم، لمعرفتي بهذا الكتاب، تأكدت أن الواعظ كان ينقل عنه في هذه الحلقة نصا، فقط كان يغير كلمة (حداثة) إلى كلمة (ليبرالية)، ذكر حتى الشعراء الحداثيين الذين ذكرهم القرني في كتابه، ذكرهم بوصفهم شعراء ليبراليين؛ حتى لو كانوا شيوعيين !. ذكر السياب والبياتي وبلند الحيدري…إلخ، وبدأ يورد من أشعارهم ما أورده القرني بوصفها أشعارا تطعن في العقيدة، وكان يُدلّل بهذا على الانحراف العقدي عند الليبراليين. كانت النصوص هي نفسها التي أوردها القرني، دون أن يُكلّف نفسه الرجوع إلى أي مصدر آخر، فهو كداعية يتنقل بين الفضائيات ولو على نحو فضائحي في سياق التمظهر بالمشيخية، لا يملك الوقت الكافي للبحث العلمي. الرجل، وبمجرد أن دعي إلى موضوع يتراءى وكأنه المقابل الضدي للإسلاموية، رجع بذاكرته إلى المقابل الذي عاش صراعاته قديما (صراع الحداثة مع الصحوة)، ومن ثم استرجعه، وكأن الخصم واحد في كل الحالات، بل وفي كل الأزمنة. وهنا أي في مستوى هذا الفهم الوعظي ليس غريبا أن تصبح الليبرالية هي الشيوعية والفاشية والنازية والبوذية والرمزية والبنيوية والتفكيكية والأسلوبية والسميولوجية والواقعية والرومانسية والسوريالية والعولمة…إلخ الحشد العشوائي العبثي للمدارس والمناهج والمصطلحات المتباينة، والتي لا يَتمثّلها الواعظ فهما ؛ إلا بوصفها غرائب لم يسمع بها من قبل، وما دام لم يسمع بها، فهي ضد ثقافته الخاصة التي يعتقد أنها أول العلم وآخره، إنها الضد الثقافي بوصفها جديدا يُشكّل تهديدا. ويستمر التسلسل المرضي، فما دامت ضد ثقافته الخاصة فهي بالضرورة ضد الإسلام، وما دامت ضد الإسلام فهي ليبرالية !!!، وهكذا هي عبقرية التفكير الصحوي/ الغفوي.
إن حال مؤلفي هذا الكتاب هو كحال هذا الواعظ الفضائي الذي كان عارا على القناة الفضائية التي استضافته وهو بهذا المستوى الفاضح من الجهل، وعار على المقدم الذي لم يختر ضيفه بعناية، وعار على كل من يدخل معه في حوار عبثي ولو من باب: فضح الجهل الصحوي .
إن مؤلفي هذا الكتاب لا يختلفون كثيرا عن هذا الواعظ الفضائي. لقد كان الهجوم على الليبرالية يبرر لهم حتى الاتهامات المتناقضة في حق الشخص الواحد. فالغذامي مثلا، يبدو ص 360 وبعدما حللوا مقالاته داخلا في نطاق المَرضي عنهم، إذ هو كما يقولون : ” أشار إلى وجود حرب نفسية وعقلية يشنها الغرب ضد الإسلام، رافضا ضمنا مبدأ استيراد الأفكار والقيم من هذه المجتمعات”. بل ذكروه ص 209 بوصفه مع محمد سعيد طيب من الليبراليين “الذين شنوا هجوما ضاريا على التيار الليبرالي السعودي” . لكن هذا الغذامي يصبح بعد صفحات أحد رموز الليبرالية، فقد وضعوا له تعريفا ص 319 بوصفه من رموز التيار الليبرالي في السعودية، وحللوا مقالاته بوصفها عينات بحثية من الأدبيات الليبرالية، أي عينات يستنتجون منها مبادئ ومواقف الليبرالية، ناسين أنهم في ص15 وصفوه بأنه يمارس نقدا ذاتيا للمشروع الليبرالي، وفي ص209 شنّ هجوما ضاريا على التيار الليبرالي.
لقد احتاروا مع الغذامي، فهم بين الإشادة به كناقد للمشروع الليبرالي، وبين تصورهم له كليبرالي (مع كونه ينفي هذا الوصف عن نفسه صراحة). حتى عندما فرحوا بكلمته التي قال فيها عن المشروع الليبرالي أنه ” بلا فكر ولا رؤية” وقفوا حائرين، فهو وصف يُعزّز من الهجائية التي يطلقونها بحق الليبراليين، ولكن في الوقت نفسه ( أي إذا كان التيار الليبرالي يمارس حراكا بلا فكر ولا رؤية) ينفي تهمة المؤامرة المتمثلة في مشروع فكري يتغيا تغيير الواقع. ولهذا قالوا في السطر ذاته : ” ورغم تلك النتيجة التي توصل لها الغذامي؛ يظل للفكر الليبرالي امتدادات داخلية وتأييد خارجي أمريكي أوروبي” . يعني، هم يقولون: صدق الغذامي، مشروع الليبراليين بلا فكر ولا رؤية، ولكن هو فكر منظم له امتداداته !. وطبعا، لا يهم أن ينقض آخر الكلام أوله، فجمهورهم يستهلك هذا الغثاء دون أن يدرك، وهذا لا يهم، المهم أن تتحقق الغاية في تحويله لجمهور ضغط غوغائي. وهذا سيتحقق عندما يخرج بعد قراءة هذا الكتاب يلعن الليبرالية والليبراليين.
وإذا كانوا احتاروا مع الغذامي، فقد مارسوا كل صور الجهالة في توصيف : محمد سعيد طيب الذي وصفوه ص209 بأنه ” من رموز الإصلاحية الليبرالية السعودية” ، ووصفوه ص 308 بقولهم: ” يُعد محمد سعيد طيب بمنزلة الأب الروحي لليبرالية في السعودية، رغم ما يذكر عن انتمائه لليسار القومي الناصري”. فهو عندهم ليبرالي، بل رمز ليبرالي، بل الأب الروحي؛ رغم كونه ناصريا !. ولا شك أن استدراكهم بقولهم: رغم ما يذكر…إلخ، يُوحي بأنهم يدركون التناقض الحاد بين الليبرالية وتجلياتها في النظام الديمقراطي من جهة، والناصرية الشمولية الدكتاتورية من جهة أخرى. فلا يمكن أن تكون ناصريا وديمقراطيا في وقت واحد؛ لأن الرمزية الناصرية في تضاد كلي مع الديمقراطية وتمثلاتها في مؤسسات المجتمع المدني، والتي هي شرط الليبرالية الأول.
كل ماذ ذكرته آنفا مجرد أمثلة، ولو استرسلت في سرد اضطرابهم في الأسماء لما اتسع هذا المقال. الشواهد كثيرة، وبإمكان القارئ أن يرجع إلى ص203 وما بعدها، حيث تصنيف الأسماء، وقد تم وضع بعض الأسماء الليبرالية (ومنهم كاتب هذه السطور) تحت تصنيف يحمل عنوانا تكفيريا خطيرا. نعم، لقد وضعوا عنوانا تكفيريا صريحا في كتاب يدعي أنه موضوعي حيادي. لقد صنفونا بأننا ” معادون للإسلام ولعلماء الدين” كعنوان أساسي، ثم قالوا عنا كمقدمة بعد العنوان التكفيري : “يرى عدد من الليبراليين الدين الإسلامي عائقا أساسيا في سبيل التقدم”. ولا يخفى أن من يُحكم عليه بأنه يُعادي الإسلام فلا يمكن أن يكون مسلما إذا ما ثبتت هذه التهمة عليه. ولو أنهم قالوا عنا أننا نُعادي بعض التأويلات البشرية، أو أننا نطرح تأويلا مخالفا؛ لهان الأمر، ولكانوا بمنأى عن أن الوقوع في فخ: التكفير الصريح.
طبعا، قد تعجب من هذا النفس التكفيري الذي يعكس رؤية مغالية؛ لمجرد أن الكتاب يحاول التمظهر بلغة حيادية، أو الاحتماء بتعابير عمومية. لكن فلتات القلم تفضح مثلما تفضح فلتات اللسان. فهذا الكتاب لا يعكس رؤية مغايرة للرؤية اليبرالية فحسب، وإنما يعكس رؤية في غاية الغلو والتطرف، بحيث وصلت إلى التكفير الصريح.
إن التطرف الذي يحكم منطق هذا الكتاب يظهر في نصوص كثيرة يصعب سردها جميعا. لكن، يكفي أن تقرأ ما يقولونه نصا ص235 : ” ثم تنتقل الدراسة في هذا المجال، إلى المؤسسات الخادمة للأفكار الليبرالية، ويأتي على رأسها مركز الحوار الوطني” . فإذا كان مركز الحوار الوطني الذي استضاف كل الأطياف، بل وترأسه أناس يُحسبون على التيار المحافظ، تعدّه هذه الدراسة رأس المؤسسات التي تخدم الأفكار الليبرالية، فحينذٍ يجب ألا نغضب من بقية التصنيفات التي تطال بقية المؤسسات التي لا تخضع لنفوذهم.
ولتعرف أكثر: أين تتجه الأهواء المتطرفة ذات النفس الإرهابي، لا بد أن تتنبّه لطريقة صياغتهم لبعض العناوين. فمن خلال بعض العناوين يبدو أنهم لا يُقرون بوجود الإرهاب. لقد وضعوا مكافحة الإرهاب بهذه الصيغة الواردة في ص 272: ” مكافحة ما يُسمى ب’’ الإرهاب ’’ “. هكذا بالتنصيص، وبالإضافة للمجهول، وهي حال تعكس عدم اعترافهم بالظاهرة الإرهابية، وتكشف الموقف المبدئي من مكافحة التطرف. وهذا الموقف الذي تكشفه مثل هذه الصياغة تكرر في بعض القضايا التي لهم منها موقف مخالف. لهذا تجدهم عند الحديث عن “القضايا الأساسية التي يتمحور حولها الخطاب الليبرالي” يذكرونها على نحو يكشف عن تحيزاتهم الخطيرة. فهذه القضايا تأتي على هذا النحو: أولها في ص425 بالعنوان التالي: ” قضية ما يُسمى ب’’ حقوق المرأة”، وفي ص426 ترد القضية الثانية بعنوان هذا نصه: ” قضية ما يسمى بهيمنة المؤسسة الدينية أو التيار الإسلامي”. لكن، ولأن موقفهم من القضية الثالثة مختلف، لم يوردوها على مثل هذه الإضافة للمجهول، بل كان العنوان صريحا واضحا: ” قضية الإصلاح السياسي” . فلأن حراكهم حراك سياسي، ومن ثم فهم حتما مؤيدون لأي تمظهر سياسي معارض أيا كانت نسبة هذا التأييد ، تجدهم يطرحونها كقضية، ولا يضيفونها إلى المجهول؛ كشكل من أشكال عدم الاعتراف.
إن هذا الكتاب مليء بالأخطاء التي تحار فيها: هل هي صادرة عن جهل أم عن تعمد تشويه. إنهم يصنعون صورة نمطية ثم يهاجمونها بوصفها تعكس الأصل. تناقض الاتهامات تدل على إرادة صراعية تتلبسهم. أحيانا يصرحون بهذا، كما في قولهم ص290: ” ومن هنا، فإن على قادة الفكر الإسلامي الذين لم يتأثروا بتلك الأفكار الدخيلة، واجب رئيس، هو الوقوف بحزم للتصدي لهؤلاء الذين يبثون سمومهم من خلال الصحافة ووسائل الإعلام وبعض دور النشر”. وعندما نسأل: لماذا كل هذا الاحتشاد للحرب الذي يكشف عن عداء مسعور، نجد الجواب في قولهم عن المشروع الليبرالي ص130 : أنه ” يحمل داخله معارضة مشروع وأفكار الصحوة” ، وفي ص 476 يقولون: ” يؤكد دوما خطاب الصحوة الإسلامي المناهض لليبرالية …إلخ”. إن كل هذا يؤكد لنا أن هناك إرادة تزييف؛ من أجل خدمة مشروع الصحوة الإخواني، ولكنه يبقى في كل الأحوال تزييفا هشا يقف على قدمين واهيتين من الجهل والغباء.
إنهم لا يتقنون حتى نسج أكاذيبهم. إنهم، وكما أخطأوا أو تعمدوا الخطأ في فهم التسامح، وفي فهم النسبية، أخطأوا أيضا فيما يمس الليبرالية كمنظومة فلسفية، وكتجربة أيضا. وهذا يظهر في فهمهم ل(النص المغلق) الذي وصفوا به النص الليبرالي (هكذا !). لقد وضعوا ص 135 فقرة بعنوان: (الليبرالية نص مكتمل مغلق)، واتهموا التيار الليبرالي بأنه يريد التخلص من الواقع السعودي والخليجي والعربي، ومن الموروث التاريخي، من أجل الانخراط في النسق المعرفي للحداثة. وبعيدا عن الاضطراب في هذا الكلام الاتهامي، فإن الليبرالية بزعمهم، وبهذه الإرادة المزعومة قد أصبحت كما يقولون ص135: ” نسقا معرفيا مغلقا غير قادر على الانفلات من التجربة التاريخية الغربية من جهة، ومن ثقافة العولمة التي يعتبرها حتمية من جهة أخرى، كما جعلته غير قادر على التطوير او التجديد أو إثارة قضايا جديدة أو تقديم حلول متجددة لإشكاليات قائمة في الواقع الخليجي لارتباطه بمصدر تلك القيم” .
واضح أن هذا خطأ. الليبرالية ليست نصا مغلقا، بل إن أهم ما يُشنّع به عليها أعداؤها أنها نص مفتوح أكثر مما يُحتمل، بل يرون أنها نص مفتوح جدا، إلى درجة تعذّر الخروج بتعريف واحد يؤطرها. والمحيّر أن هذا ما يعترفون به في مواطن أخرى ( سبق وأن أشرنا إليها في المقالات السابقة)، كما يعترفون بأن الليبرالية تتمثل في عدة توجهات، وأن لها أطوارا تاريخية تعكس كثيرا من التحولات. فكيف تكون بهذه المرونة، وبهذا التنوع، وبهذا الانخراط التفاعلي في مثل هذا التطور المتحوّل، ثم يزعمون أنها نص مغلق. لو أنها نص مغلق؛ لوجدتها تتشبث بتجاربها التاريخية، بل لوجدتها تجربة تاريخية واحدة في كل دول الغرب الليبرالي.
إن الواقع التطبيقي يشهد بانفتاح التجربة الليبرالية، ففي كل دولة من دول الغرب تجد الليبرالية تتجسد بتأويل خاص يتلاءم مع الواقع؛ مع الوفاء للمبادئ والقيم الأساسية. ومن هنا، نرى كيف أن ليبرالية ما بعد الحداثة باتت معنية بنقد وتجاوز الحداثة ذاتها، أكثر مما هي معنية بنقد وتجاوز المظاهر المتبقية من أزمنة ما قبل الحداثة. وبناء على هذا، نستطيع الجزم بأنه لا يوجد نص مفتوح فكرا وتجربة كالنص الليبرالي. ولعل من المفارقات التي تبدو وكأنها كوميديا سوداء، أن تبدو الصحوية الغفوية التي تعكس يقظة الخطاب الصحوي المنغلق، وكأنها تمارس مشروعية اتهام التجربة الليبرالية بالانغلاق !.
أخيرا، لا يمكن الحديث عن كل صور الجهل والتطرف التي حُشي بها هذا الكتاب، ولا استعراض كل القضايا، ولا إيراد كل الشواهد النصية، فبعض القضايا أوردنا فيها شاهدين أو ثلاثة، بينما بلغ ما أحصيناه أكثر من خمسة عشر شاهدا. وعلى كلٍّ، يبقى أن المهم ليس تفنيد مقولات الكتاب على نحو تفصيلي، فهذا يحتاج لكتاب يتجاوز كتابهم حجما. المهم أن تكون هذه اللمحات العابرة، كشفت تطرف هذا الكتاب، بقدر ما كشفت الخلل المنهجي الذي يتم تسويق الكتاب من خلاله؛ وصولا إلى تسويق منهجية التطرف والانغلاق.